وقفات قبل الفوات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الحمن الرحيم

ان خير الكلام كلام الله , وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم , وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة ,

وكل بدعة ضلالة , وكل ضلاة في النار .

فاءن العبد ضعيف , والزمان صعب , والمعين قليل , والشغل كثير , والعمر قصير , وفي العمل تقصير ,
والأجل قريب , والسفر بعيد , والطاعة هي الزاد فلا بد منها ,
فمن ظفر بها فقد فاز وسعد أبد الآبدين , ومنفاته ذلك فقد خسر مع الخاسرين , وهلك مع الهالكين .

وبعد: فهذه وقفات نافعة , باعثة على اغتنام الأوقات بالأعمال الصالحة .
أسأل الله الحي القيوم , ذا الجلال والاكرام : أن ينفع بها , انه سميع مجيب الدعوات .

انهذه المقدمة لموضوع جديد وسأستمر في نشره ان شاء الله ولكن على مراحل ,سائلة الله عز وجل أن يعطيني العمر حتى أكمله باءذنه تعالى .

الوقفة الأولى

** كن غريبا أو عابر سبيل **

عنعمر رضي الله عنه قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض جسدي ,فقال : (( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل , وعًدَ نفسك في أهلالقبور )).

فالمؤمن في الدنيا كالغريب المجتاز ببلدة غير مستوطنفيها , فهو يشتاق الى بلده وهمه الرجوع اليه , والتزود بما يوصله في الىوطنه , ولا ينافس أهل ذلك البلد المستوطن فيه في عزهم , ولا يجزع مماأصابه عندهم من الذل .

عن ابن عباس رضي الله عنه : أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم دخل عليه عمر وهو على حصير قد أثَر في جنبه , فقال Sad

( يا نبي الله , لو اتخذت فراشا أوثر من هذا ؟فقال :
(( ما لي وللدنيا ؟ ! ما مثلي ومثل الدنيا الا كراكب سار في يوم صائف , فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار , ثم راح وتركها )) .

فالعبدمسافر الى ربه , والمسافر اذا رأى شجرة في يوم صائف : لا يحسن به أن يبنيتحتها دارا ولا يتخذها قرارا , بل يستظل بها بقدر الحاجة ,ومن زاد على ذلكانقطع عن الرفاق .

** سبيلك في الدنيا سبيل مسافر ***ولا بد من زاد لكل مسافر

من خرج الى سفر من أسفار الدنيا بغير زاد , ندم حيث يحتاج الى الزاد , فلا ينفعه الندم , وربما هلك .

فكيف بمن رحل الى سفر الآخرة - مع طوله ومشقته - بغير زاد ؟ !
وقالعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : (( ارتحلت الدنيا مدبرة , وارتحلت الآخرةمقبلة , ولكل واحدة منهما بنون , فكونوا من أبناء الآخرة , ولا تكونوا منأبناء الدنيا , فاءن اليوم عمل بلا حساب , وغدا حساب بلا عمل )) .

فان كنت تصلي الفجر في وقته , فأنت من أبناء الآخرة .
وان كنت تنام عن صلاة الفجر فأنت من أبناء الدنيا
وان كانت الدنيا أكبر همك ومبلغ علمك , فأنت من ابناء الدنيا .
وان كانت الآخرة أكبر همك , فأنت من أبناء الآخرة

وقال القائل : وما المرء الا كراكب ظهر عمره *** على سفر يطويه باليوم والشهر
يبيت ويصبح كل يوم وليلة ******************* بعيدا عن الدنيا قريبا من القبر .

العبدمن حين استقرت قدماه في هذه الدار فهو مسافر فيها الى ربه , ومدة سفره هيعمره الذي كتب له . فالعمر هو مدة سفر الانسان في هذه الدار الى ربه , ثمقد جعلت الأيام والليالي مراحل لسفره : فكل يوم وليلة مرحلة من المراحل ,فلا يزال يطويها مرحلة بعد مرحلة , حتى ينتهي السفر .

فالكيسالفطن هو الذي يجعل كل مرحلة نصب عينيه , فيهتم بقطعها سالما من السيئاتالخطيئات , غانما من الباقيات الصالحات , فاءن قطعها استقبل المرحلةالأخرى من عمره كذلك فلا يزال هذا دأبه حتى يطوي مراحل عمره كلها .